السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كان راهب يقال له: برصيصا؛ قد تعبد في صومعته سبعين سنة، لم يعص الله فيها
طرفة عين، حتى أعيا إبليس، فجمع إبليس مردة الشياطين فقال: أﻻ أجد منكم من
يكفيني أمر برصيصا؟ فقال اﻷبيض، أنا أكفيكه؛ فانطلق فتزيا بزي الرهبان،
وحلق وسط رأسه حتى أتى صومعة برصيصا فناداه فلم يجبه؛
وكان ﻻ ينفتل من صﻼته إﻻ في كل عشرة أيام يوما، وﻻ يفطر إﻻ في كل عشره
أيام؛ وكان يواصل العشرة اﻷيام والعشرين واﻷكثر؛ فلما رأى اﻷبيض أنه ﻻ
يجيبه أقبل على العبادة في أصل صومعته؛ فلما انفتل برصيصا من صﻼته، رأى
اﻷبيض قائما يصلي في هيئة حسنة من هيئة الرهبان؛ فندم حين لم يجبه، فقال:
ما حاجتك؟ فقال: أن أكون معك، فأتأدب بأدبك، وأقتبس من عملك، ونجتمع على
العبادة؛ فقال: إني في شغل عنك؛ ثم أقبل على صﻼته؛ وأقبل اﻷبيض أيضا على
الصﻼة؛ فلما رأى
برصيصا شدة اجتهاده وعبادته قال له: ما حاجتك؟ فقال: أن تأذن لي فارتفع
إليك. فأذن له فأقام اﻷبيض معه حوﻻ ﻻ يفطر إﻻ في كل أربعن يوما يوما
واحدا، وﻻ ينفتل من صﻼته إﻻ في كل أربعين يوما، وربما مد إلى الثمانين؛
فلما رأى برصيصا اجتهاده تقاصرت إليه نفسه.
ثم قال اﻷبيض: عندي دعوات يشفي الله بها السقيم والمبتلي والمجنون؛ فعلمه
إياها. ثم جاء إلى إبليس فقال: قد والله أهلكت الرجل. ثم تعرض لرجل فخنقه،
ثم قال ﻷهله - وقد تصور في صورة اﻵدميين - : إن بصاحبكم جنونا أفأطبه؟
قالوا نعم. فقال: ﻻ أقوى على جنيته، ولكن اذهبوا به إلى برصيصا، فإن عنده
اسم الله اﻷعظم الذي إذا سئل به أعطى،واذا دعي به أجاب؛ فجاؤوه فدعا بتلك الدعوات، فذهب عنه الشيطان.
ثم جعل اﻷبيض يفعل بالناس ذلك ويرشدهم إلى برصيصا فيعافون. فانطلق إلى
جارية من بنات الملوك بين ثﻼثة إخوة، وكان أبوهم ملكا فمات واستخلف أخاه،
وكان عمها ملكا في بني إسرائيل فعذبها وخنقها. ثم جاء إليهم في صورة رجل
متطبب ليعالجها فقال: إن شيطانها مارد ﻻ يطاق، ولكن اذهبوا بها إلى برصيصا
فدعوها عنده، فإذا جاء شيطانها دعا لها فبرئت؛ فقالوا: ﻻ يجيبنا إلى هذا؛
قال: فابنوا صومعة في جانب صومعته ثم ضعوها فيها، وقولوا: هي أمانة عندك
فاحتسب فيها. فسألوه ذلك فأبى فبنوا صومعة ووضعوا فيها الجارية؛ فلما انفتل
من صﻼته عاين الجارية وما بها من الجمال فأسقط في يده، فجاءها الشيطان
فخنقها فانفتل من صﻼته ودعا لها فذهب عنها الشيطان، ثم أقبل على صﻼته
فجاءها الشيطان فخنقها. وكان يكشف عنها ويتعرض بها لبرصيصا،
ثم جاءه الشيطان فقال: ويحك! واقعها، فما تجد مثلها ثم تتوب بعد ذلك. فلم
يزل به حتى واقعها فحملت وظهر حملها. فقال له الشيطان: ويحك! قد افتضحت.
فهل لك أن تقتلها ثم تتوب فﻼ تفتضح، فإن جاؤوك وسألوك فقل جاءها شيطانها
فذهب بها. فقتلها برصيصا ودفنها ليﻼ؛ فأخذ الشيطان طرف ثوبها حتى بقي
خارجا من التراب؛
ورجع برصيصا إلى صﻼته. ثم جاء الشيطان إلى إخوتها في المنام فقال: إن
برصيصا فعل بأختكم كذا وكذا، وقتلها ودفنها في جبل كذا وكذا؛ فاستعظموا ذلك
وقالوا لبرصيصا: ما فعلت أختنا؟ فقال: ذهب بها شيطانها؛ فصدقوه وانصرفوا.
ثم جاءهم الشيطان في المنام وقال: إنها مدفونة في موضع كذا وكذا، وإن طرف
ردائها خارج من التراب؛ فانطلقوا فوجدوها، فهدموا صومعته وأنزلوه وخنقوه،
وحملوه إلى الملك فأقر على نفسه فأمر بقتله.
فلما صلب قال الشيطان: أتعرفني؟ قال ﻻ والله قال: أنا صاحبك الذي علمتك
الدعوات، أما اتقيت الله أما استحيت وأنت أعبد بني إسرائيل ثم لم يكفك
صنيعك حتى فضحت نفسك، وأقررت عليها وفضحت أشباهك من الناس فان مت على هذه
الحالة لم يفلح أحد من نظرائك بعدك.
فقال: كيف أصنع؟
قال: تطيعني في خصلة واحدة وأنجيك منهم وآخذ بأعينهم.
قال: وما ذاك؟
قال تسجد لي سجدة واحدة؛
فقال: أنا أفعل؛ فسجد له من دون الله.
فقال: يا برصيصا، هذا أردت منك؛ كان عاقبة أمرك أن كفرت بربك،
إني بريء منك، إني أخاف الله رب العالمين
فشنق برصيصا حتى مات ````
.
كان راهب يقال له: برصيصا؛ قد تعبد في صومعته سبعين سنة، لم يعص الله فيها
طرفة عين، حتى أعيا إبليس، فجمع إبليس مردة الشياطين فقال: أﻻ أجد منكم من
يكفيني أمر برصيصا؟ فقال اﻷبيض، أنا أكفيكه؛ فانطلق فتزيا بزي الرهبان،
وحلق وسط رأسه حتى أتى صومعة برصيصا فناداه فلم يجبه؛
وكان ﻻ ينفتل من صﻼته إﻻ في كل عشرة أيام يوما، وﻻ يفطر إﻻ في كل عشره
أيام؛ وكان يواصل العشرة اﻷيام والعشرين واﻷكثر؛ فلما رأى اﻷبيض أنه ﻻ
يجيبه أقبل على العبادة في أصل صومعته؛ فلما انفتل برصيصا من صﻼته، رأى
اﻷبيض قائما يصلي في هيئة حسنة من هيئة الرهبان؛ فندم حين لم يجبه، فقال:
ما حاجتك؟ فقال: أن أكون معك، فأتأدب بأدبك، وأقتبس من عملك، ونجتمع على
العبادة؛ فقال: إني في شغل عنك؛ ثم أقبل على صﻼته؛ وأقبل اﻷبيض أيضا على
الصﻼة؛ فلما رأى
برصيصا شدة اجتهاده وعبادته قال له: ما حاجتك؟ فقال: أن تأذن لي فارتفع
إليك. فأذن له فأقام اﻷبيض معه حوﻻ ﻻ يفطر إﻻ في كل أربعن يوما يوما
واحدا، وﻻ ينفتل من صﻼته إﻻ في كل أربعين يوما، وربما مد إلى الثمانين؛
فلما رأى برصيصا اجتهاده تقاصرت إليه نفسه.
ثم قال اﻷبيض: عندي دعوات يشفي الله بها السقيم والمبتلي والمجنون؛ فعلمه
إياها. ثم جاء إلى إبليس فقال: قد والله أهلكت الرجل. ثم تعرض لرجل فخنقه،
ثم قال ﻷهله - وقد تصور في صورة اﻵدميين - : إن بصاحبكم جنونا أفأطبه؟
قالوا نعم. فقال: ﻻ أقوى على جنيته، ولكن اذهبوا به إلى برصيصا، فإن عنده
اسم الله اﻷعظم الذي إذا سئل به أعطى،واذا دعي به أجاب؛ فجاؤوه فدعا بتلك الدعوات، فذهب عنه الشيطان.
ثم جعل اﻷبيض يفعل بالناس ذلك ويرشدهم إلى برصيصا فيعافون. فانطلق إلى
جارية من بنات الملوك بين ثﻼثة إخوة، وكان أبوهم ملكا فمات واستخلف أخاه،
وكان عمها ملكا في بني إسرائيل فعذبها وخنقها. ثم جاء إليهم في صورة رجل
متطبب ليعالجها فقال: إن شيطانها مارد ﻻ يطاق، ولكن اذهبوا بها إلى برصيصا
فدعوها عنده، فإذا جاء شيطانها دعا لها فبرئت؛ فقالوا: ﻻ يجيبنا إلى هذا؛
قال: فابنوا صومعة في جانب صومعته ثم ضعوها فيها، وقولوا: هي أمانة عندك
فاحتسب فيها. فسألوه ذلك فأبى فبنوا صومعة ووضعوا فيها الجارية؛ فلما انفتل
من صﻼته عاين الجارية وما بها من الجمال فأسقط في يده، فجاءها الشيطان
فخنقها فانفتل من صﻼته ودعا لها فذهب عنها الشيطان، ثم أقبل على صﻼته
فجاءها الشيطان فخنقها. وكان يكشف عنها ويتعرض بها لبرصيصا،
ثم جاءه الشيطان فقال: ويحك! واقعها، فما تجد مثلها ثم تتوب بعد ذلك. فلم
يزل به حتى واقعها فحملت وظهر حملها. فقال له الشيطان: ويحك! قد افتضحت.
فهل لك أن تقتلها ثم تتوب فﻼ تفتضح، فإن جاؤوك وسألوك فقل جاءها شيطانها
فذهب بها. فقتلها برصيصا ودفنها ليﻼ؛ فأخذ الشيطان طرف ثوبها حتى بقي
خارجا من التراب؛
ورجع برصيصا إلى صﻼته. ثم جاء الشيطان إلى إخوتها في المنام فقال: إن
برصيصا فعل بأختكم كذا وكذا، وقتلها ودفنها في جبل كذا وكذا؛ فاستعظموا ذلك
وقالوا لبرصيصا: ما فعلت أختنا؟ فقال: ذهب بها شيطانها؛ فصدقوه وانصرفوا.
ثم جاءهم الشيطان في المنام وقال: إنها مدفونة في موضع كذا وكذا، وإن طرف
ردائها خارج من التراب؛ فانطلقوا فوجدوها، فهدموا صومعته وأنزلوه وخنقوه،
وحملوه إلى الملك فأقر على نفسه فأمر بقتله.
فلما صلب قال الشيطان: أتعرفني؟ قال ﻻ والله قال: أنا صاحبك الذي علمتك
الدعوات، أما اتقيت الله أما استحيت وأنت أعبد بني إسرائيل ثم لم يكفك
صنيعك حتى فضحت نفسك، وأقررت عليها وفضحت أشباهك من الناس فان مت على هذه
الحالة لم يفلح أحد من نظرائك بعدك.
فقال: كيف أصنع؟
قال: تطيعني في خصلة واحدة وأنجيك منهم وآخذ بأعينهم.
قال: وما ذاك؟
قال تسجد لي سجدة واحدة؛
فقال: أنا أفعل؛ فسجد له من دون الله.
فقال: يا برصيصا، هذا أردت منك؛ كان عاقبة أمرك أن كفرت بربك،
إني بريء منك، إني أخاف الله رب العالمين
فشنق برصيصا حتى مات ````
.